اشتركوا شبكة قنواتنا |
.::شبكة القنوات عبر اليوتيوب والتيك توك ومواقع التواصل الخاصه بنا::. | ||||
| ||||
قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18 |
الإهداءات | |
#1
| |||||||
| |||||||
الكشف0
الكشف تعريفه قال السيد رحمه الله تعالى في تعريفاته: (الفِراسة في اللغة: التثبت والنظر، وفي اصطلاح أهل الحقيقة: هي مكاشفة اليقين، ومعاينة الغيب) [تعريفات السيد ص110]. وقال العارف بالله ابن عجيبة رحمه الله تعالى: (الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطىء غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: “اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله” [رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في كتاب التفسير]. وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق [“معراج التشوف” ص18]. والكشف نور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله تعالى؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر [قال حجة الإِسلام الغزالي رحمه الله تعالى: (إِن جلاء القلب وإِبصاره يحصل بالذكر، وإِنه لا يتمكن منه إِلا الذين اتقوا، فالتقوى باب الذكر، والذكر باب الكشف، والكشف باب الفوز الأكبر، وهو الفوز بلقاء الله تعالى). “إِحياء علوم الدين” للغزالي ج3. ص11]. فتنععيب أبصارهم في بصائرهم، فينظرون بنور الله وتنمحي أمامهم مقاييس الزمان والمكان، فيطَّلعون على عوالمَ من أمر الله اطلاعاً لا يستطيعه مَنْ لا يزال في قيد الشهوات والشكوك والبدع العقائدية والوساوس الشيطانية، ولا تتسع له إِلا تلك القلوب النيّرة السليمة التي زالت عنها ظلمات الدنيا وغواشيها، وانقشعت عنها غيوم الشكوك ووساوسها، وكثافةُ الماديات وأوضارها. نعم إِنَّ من غض بصره عن المحارم، وكفَّ نفسه عن الشهوات، وعمَّر باطنه بمراقبة الله تعالى، وتعوَّد أكل الحلال لم يخطىء كشفه وفراسته، ومن أطلق نظره إِلى المحرمات تنفست نفسه الظلمانية في مرآة قلبه فطمست نورها. ويرجع هذا الكشف إِلى أن العبد إِذا انصرف عن الحس الظاهر إِلى الحس الباطن تغلبت روحه على نفسه الحيوانية المتلبسة ببدنه - والروح لطيفة كشَّافة - فيحصل له حينئذ الكشف، ويتلقى واردات الإِلهام. يقول المؤرخ ابن خلدون رحمه الله تعالى فيما نحن بصدده: (ثم إِن هذه المجاهدة والخلوة والذكر يتبعها غالباً كشف حجاب الحس، والاطلاع على عوالم من أمر الله ليس لصاحب الحس إِدراكُ شيء منها؛ والروح من تلك العوالم. وسبب هذا الكشف أن الروح إِذا رجع عن الحس الظاهر إِلى الباطن، ضعفت أحوال الحس، وقويت أحوال الروح، وغَلَب سلطانه، وتجدد نُشُوؤهُ. وأعان مع ذلك الذكر؛ فإِنه كالغذاء لتنمية الروح، ولا يزال في نمو وتزايد إِلى أن يصير شهوداً، بعد أن كان عِلماً، ويكشف حجاب الحس، ويتم صفاء النفس الذي لها من ذاتها، وهو عين الإِدراك، فيتعرض حينئذ للمواهب الربانية والعلوم اللدنية والفتح الإِلهي.. إِلى أن قال: وهذا الكشف كثيراً ما يَعرِض لأهل المجاهدة؛ فيدركون من حقائق الوجود ما لا يدرك سواهم.. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم على مثل هذه المجاهدة، وكان حظهم من هذه الكرامات أوفر الحظوظ، لكنهم لم يقع لهم بها عناية. وفي فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كثير منها، وتبعهم في ذلك أهل الطريقة ممن اشتملت الرسالة القشيرية على ذكرهم ومن تبع طريقتهم من بعدهم) [“مقدمة ابن خلدون” ص329]. وهذا الكشف وراثة محمدية صادقة، وَرِثَها أصحابه رضي الله عنهم، بسبب صدقهم وتصديقهم وصفاء سريرتهم. |