الموضوع: الذكــــــــر
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-16-2015, 09:51 AM
المدير العام
غير متواجد
Egypt     Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : Nov 2015
 المشاركات : 14,456 [ + ]
 التقييم : 147
 معدل التقييم : الشيخ طاووس اسطوره الاساطير تم تعطيل التقييم
بيانات اضافيه [ + ]
Post الذكــــــــر




الذكر

الذكر

الذكــــــــر

يقول الله تعالى في سورة الأحزاب [41-42]: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً  وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }.

الذكر الكثير هو الذكر المستغرق لكل الأوقات والأحوال. وقد جاء في صحيح مسلم وغيره عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كان النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يذكر اللَّهَ على كُلِّ أحيانه.

قد يستشكل معنى استغراق الذكر لكل الأوقات والأحوال على من يفهم منه الذكر اللفظي فحسب، وذلك لعدم تمكن المرء من الذكر بلا انقطاع، خصوصاً إن علمنا أن من الأوقات ما يكون الذكر اللفظي فيه منهياً عنه، كوقت دخول الخلاء.

يبقى أن الذكر في الحقيقة ليس هو الذكر اللفظي، بل إن هذا الذكر اللفظي إما يكون وسيلة إليه كما هو الشأن عند السالكين، أو هو دليل عليه كما هو الشأن عند الواصلين، الذين يعبر لسانهم عما استقر في قلوبهم من معاني الذكر. وهذه الحال مطابقة لحال السنة كما هو غير خاف.

والذكر في الحقيقة هو حصول المعنى عند الذاكر؛ وهذا المعنى - الذي قد يُعبر عنه أو قد يُسكت عنه - هو الذي ينبغي أن يستغرق جميع أوقات وأحوال العبد.

سبق أن أشرنا أن من وسائل تحصيل حال الذكر ( الحضور )، المواظبة على ذكر اللسان التي هي عمدة السلوك عند أهله. وقد جاء في الحديث أن رجلاً قال: يا رسول اللَّهِ إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرَتْ عليَّ فأخبرْني بشيءٍ أتشبَّثُ به؟ قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر اللَّهِ [ أخرجه الترمذي عن عبد اللَّه بنِ بُسْرٍ رضي اللَّهُ عنه وأحمد وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد ].

غير أن ذكر اللسان نوعان:

- نوع عام: وهو المندوب إليه في السنن من استغفار وتسبيح وحمد، وصلاة على النبي وغير ذلك من صيغ الذكر التي لا يختلف عليها المسلمون. وهذا النوع غالباً له الأجر إن شاء الله.
- نوع خاص: ينكره البعض بدعوى أن أعمال الإسلام مشتركة لا تميّز فيها لطبقة عن أخرى. والحقيقة أن هذا الذكر خاص لكون الغاية منه خاصة، وهي النور. بمعنى أن هذا الذكر يُتخذ وسيلة لتزكية الباطن وتنويره حتى تنتفي عنه ظلمة العدم التي هي حقيقة العبد.
من يَتِمُّ له ذلك يُسمى عبداً ربانياً بالاصطلاح القرآني. ومعلوم عند الناس أن ما كل مسلم يسعى أن يكون عبداً ربانياً. من أجل هذا قلنا بخصوصية هذا الذكر.

يكون هذا الذكر خاصاً من عدة أوجه منها:

- صيغة الذكر: قد يظهر لغير العالم أنها غير سُنية أحياناً، وذلك لأنه يجهل المأخذ الخاص للمرء فيها. ذلك أن الشيخ الرباني الوارث للنبوة عندما يعطي هذا الذكر للمريد، فإنما يعطيه إياه من حضرة النبوة مباشرة، لا عن خبر كما هي حال الذكر العام. وعليه فإن الصيغة كيفما كانت - ما لم تعارض علماً صحيحاً - فهي شرعية.
- أن من الأذكار ما يكون خاصاً في حد ذاته كالأسماء الحسنى، وعلى رأسها الاسم الجامع .
- وقد يكون الذكر خاصاً من حيث عدده: فهو إما أن يكون ذا عدد مخصوص لحكمة في العدد، أو يكون مطلقاً بحيث يستغرق كل الأوقات بلا عدد. كل هذا ينبغي للذاكر أن يلتزم فيه بتوجيهات أستاذه التزاماً صارماً.
- ويكون الذكر أيضاً خاصاً بحسب نية الشيخ عند منحه للمريد، وهذا مما يجهله الناس، بمعنى أن الشيخ قد يعطي صيغة واحدة لشخصين مثلاً بقصدين، فيكون المدد لهما على طريقين مختلفين.

قد يظن بعض الناس أن في إمكانه أن يذكر الذكر الخاص بدون اللجوء إلى شيخ. وهذا فيه مغالطة كبيرة، ذلك أن الذكر لا يكون خاصاً إلا مع الشيخ كما مر. فإن هو أخذ الصيغة من أحد غير مؤهل أو من كتاب مثلاً، فإنما يكون قد أخذ اللفظ دون مفتاح المدد ( الإذن ). ومثل هذا قد يلبس عليه الشيطان أمره، فيأتيه بمدد من عنده يضله به وهو لا يشعر. وأقل ما يمكن أن يصيب من هذه حاله، خلل في عقله لا تصلح معه دنياه أو دينه. وقد رأينا مِن هؤلاء عدداً لا بأس به. فليتنبه المرء لنفسه.

وثمرة الذكر في الحقيقة هي الوصول إلى المذكور. وكل من زعم أنه ذكر وما تحقق بما ذكر فما ذكر على التحقيق، وليعد إلى نفسه يمحص أحوالها، أو ليعد إلى شيخه يستفتيه.

وعلامة الوصول إلى المذكور والتحقق به، الخروج من نفسه. ومن هذا الوجه قيل في قول الله تعالى { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } الكهف:[24] أي إذا نسيت نفسك. فيكون المعنى من نسي نفسه فقد ذكر به ومن لا فلا. والله أعلم .






رد مع اقتباس