اشتركوا شبكة قنواتنا |
.::شبكة القنوات عبر اليوتيوب والتيك توك ومواقع التواصل الخاصه بنا::. | ||||
| ||||
قال الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18 |
الإهداءات | |
#1
| ||||||||
| ||||||||
الدرس الثالث الكلمة الثالثة: وأما الذين يجدون تقدمة المعرفة من الجزء الافضل فيهم فإنهم يقتربون من صورة اليقين بما فيهم من القوة الإلهية وان لم يـــكن معهم من العلم الموضوع كثير شيء . الشرح: قد تقرر في علم الحكمة ان الانسان مركب من جوهرين مجردين: جوهر يقال له النفس الناطقة ومن جوهر مادي يقال له البدن، والنفس مربوطة بالبدن ومتصرفة فيه ومدبرة له بالتقديرات الالهية وكما ان اثار النفس ظاهرة في البدن كذلك اثار البدن تظهر بالنفس وهي الملكات الفاضلة والردية واحوال اُخر تسمى العوارض النفسانية مثل الشهوة والغضب والميل الى الذات والنفرة من المؤلمات وحب المال والجاه وامثاله. والنفس بحسب التجريد مستعدة لادراك الحقائق والوصول الى المبادىء والاطلاع على المغيبات وتسمية العلماء كسب الكمال وتسمية الحكماء الحكمة وبسبب الملكيات والعوارض المذكورة تصير النفس محجوبة عن هذا الكمال فأى نفس كانت مجبولة على الاعراض عن الاشياء المقتضية الحجاب لها صارت مطلعة على الغيب كنفوس الانبياء والاولياء وأطلاع هذه النفوس على الغيب يكون بطريق الانتقاش بنقوش منتقشة في العقول والنفوس السماوية التي هي مبدأ الحركات وافعال الاجسام السفلية على مثال انعكاس المرايا المتحاذية بعضها الى بعض وأى نفس كانت حيناً منغمسة في الامور البدنية وحيناً ملتفتة الى العالم العلوي فكلما بعدت عن الشواغل البدنية ورجعت الى عالم الحقيقة صارت مطلعة على الغيب في بعض الاوقات بحسب الاستعداد وهي نفوس الكهنة وقد يكون اذا استعدوا للاطلاع ان يحتاجوا لاجل التوجه الى ذلك العالم الى مخصص يقفون به في حال خاص دون باقي الاحوال وذلك المخصص أما ان يكون فكرا ً يسنح في ضميره او صوتا ً يسمعونه من خارج او بتجدد امر في ذلك الحال او يحدث هيئة في التسائل من ذلك الغيب او يحسون من كلامه بشىء او يتمسكون بدليل نجومي من اوضاع الكواكب ويستدلون بذلك الامر المتجدد على المطلوب. والرؤيا الصادقة المخبرة عن الغيب ايضاً لها هذا الحكم لان النفس في تلك الحال تكون قد اعرضت عن تدبير البدن واستعدت للانتقاش بنقوش ذاك العالم بنقش خاص وفكرة في اليقظة يكون مخصصاً لذلك الشخص من جملة النقوش الممكنة وهذا الصنف من الناس ينقسم على قسمين: فالقسم الاول: هم الذين يكونون مجبولين عن مطالعة ذاك الطرف والاعراض عن هذا الطرف وهم الذين يبينون في اعين الناس كأنهم والهون لا وعي لهم ويسمعون منهم كلمات تخبر عن الغيب. والقسم الثاني: هم الذين حينا ً يلتفتون الى هذا الجانب بحسب ارادتهم وحينا ً الى ذاك الجانب ويكون انتقالهم من جانب الى جانب بحسب ارادتهم، فمعنى كلام بطليموس بعد تقرير هذه المقدمة ان الذين يجدون تقدمة المعرفة من الجزء الافضل يعني من النفس الناطقة يكونون اقرب الى اليقين بالقوة الالهية المركوزة فيهم وذاك هو استعداد الانتقاش بالنقوش التي تحصل في مبادىء المتجددات وتلك النقوش تكون مقتضية وجود تلك المتجددات. ولما كان العلم بالعلة يقتضي العلم بالمعلول كان ما علم من الغيب واجب الحصول فيكون يقينيا ًفقوله وأن لم يكن معهم من العلم الموضوع كثير شيئ يريد انهم يطلعون على الغيب وأن لم يكن لهم من علم النجوم علم كثير, فأن ظن أحد ان قول بطليموس في الكلمة الاولى منك ومنها المراد به هذه الطائفة فقد اخطأ، لان في هذه الصورة الاغلب هو لفظة منك لا لفظة منها ومنها بالنسبة الى منك قليلة وايضا فيكون على هذا التقدير في هذا الموضع تقدمة المعرفة منقسمة بمنك ومنها لا علم النجوم لان المطلوب من تعلمه تقدمة المعرفة وهذا مناقض للكلمة الاولى فعُلم ان هذا الظن باطل. |