علم التشريح اول من مارسو التشريح هم الفراعنه حيث تم العثور على برديات مصرية قديمة، إحداها كانت بردية إدوين سميث التي تعود إلى 1600 قبل الميلاد، وهي نص طبي يصف القلب وأوعيته والكبد والكلى والطحال والرحم والمثانة، كذلك بردية إبيرس التي تعود إلى 1550 قبل الميلاد والتي وصفت على أنها "أطروحة عن القلب"، وقد وصفت هذه البردية الأوعية التي تحمل السوائل من وإلى مختلف أعضاء الجسم.
مرّت علوم التشريح والفيزيولوجيا الإغريقية بتغيرات كبيرة، وتقدّمت بشكل ملحوظ في بدايات العصور الوسطى. توسّعت هذه الممارسات الطبية بازدياد فهم بنى الجسم ووظائف أعضائه. سُجِّلت حينها الملاحظات التشريحية العيانية، وقد ساهمت هذه الملاحظات في فهم الجهاز العصبي والدماغ على وجه الخصوص، بالإضافة إلى إعضاء العين والكبد والأعضاء التناسلية.
تطوّر علما التشريح والفيزيولوجيا الإغريقيين في الإسكندرية بشكل لافت، إذ احتوت مدينة الإسكندرية على أكبر مكتبة للمخطوطات والكتب الطبية وكتب الفنون، بالإضافة إلى أن الكثير من المزاولين لمهنة الطب والفلاسفة سكنوا الإسكندرية. وقد نافست الإسكندرية آنذاك بقية الولايات الإغريقية في الإنجازات الثقافية والعلمية، وقد ساعد على هذا الرعاية التي تلقتها العلوم والفنون فيها من حكام بطليموس.
ظهرت مبكراً أبرزالقفزات في علمي التشريح والفيزيولوجيا في الإسكندرية الهيلانية. اثنان من أهم علماء التشريح والفيزيولوجيا الإغريقيين في القرن الثالث قبل الميلاد كانا هيروفيلوس وإيراسيستراتوس، وقد ساهم هذا الطبيبان في تشريح الجثث البشرية لغاية البحث الطبي، كما قاموا بعمليات التشريح على جثث المجرمين المُدانين، على الرغم من اعتبارها محرَّماً حتى عصر النهضة، وقد أقرّ هيروفيلوس بأنه أول من قام بعمليات تشريح منهجيّة. وقد عُرِف هيروفيلوس بأعمالها التشريحية مما خلّد اسمه في إسهامات واسعة في فروع عديدة من علم التشريح، وجوانب طبية أخرى.وقد اشتملت أعمال هيروفيلوس على تصنيف نظام النبضة القلبية، واكتشاف أن جدران الشرايين أكثر سمكاً من الأوردة، بالإضافة إلى اعتبار الأذينات جزء من القلب. وفّرت معرفة هيروفيلوس مدخلاتٍ حيوية لفهم الجهاز العصبي وخصوصاً الدماغ، والعين والكبد والأعضاء التناسلية، وتوصيف مسار المرض. وصف إيراسيستراتوس بنية الدماغ، بما في ذلك أجوافه وأغشيته، وميّز بين المخ والمخيخ. اهتم إيراسيستراتوس أثناء دراسته بشكل خاص بدراسة جهاز الدوران والجهاز العصبي. وكان إيراسيستراتوس قادراً على التمييز بين الأعصاب الحسية والحركية في الجسم البشري، واعتقد بأن الهواء يدخل الرئتين والقلب، والذي بدوره يحمله إلى سائر أنحاء الجسم. ميّز إيراسيستراتوس كذلك بين الشرايين والأوردة، حيث تحمل الشرايين الهواء عبر الجسم، فيما تحمل الأوردة الدم من القلب، وقد اِعتُبر هذا التمييز اكتشافاً تشريحياً هامّاً. وقد وصف وسمّى لسان المزمار، وصمامات القلب ومنها الصمام ثلاثي الشُرَف. وخلال القرن الثالث قبل الميلاد، كان الأطباء الإغريقيين قادرين على التمييز بين الأعصاب والأوعية الدموية والأوتار ويعرفون أن الأعصاب تحمل نبضات عصبية. وقد قال هيروفيلوس أن أذيّة الأعصاب المحركة تؤدي إلى الشلل.وقام هيروفيلوس كذلك بتسمية السحايا والبطينات في الدماغ، ولاحظ الانقسام بين بنيتي المخ والمخيخ، وقال بأن الدماغ هو"مقر التفكير" لا "حجرة التبريد" كما كان قال أرسطو. كما يعود الفضل إلى هيروفيلوس في وصف الأعصاب تحت اللساني والدهليزي والوجهي ومثلث التوائم.
أُنجزت كذلك الكثير من الاكتشافات على مستوى الجهازين التناسلي والهضمي، خلال القرن الثالث قبل الميلاد. حيث اكتشف هيرفليوس ووصف الغدد اللعابية والأمعاء الدقيقة والكبد. وقد قال بأن الرحم عضومجوّف ووصف المبايض والأنابيب الرحمية. وقال بأن الحيوانات المنوية تُنتج في الخصية، وكان أول من ميّز غدة البروستات.
تم وصف تشريح العضلات والهيكل في كوربوس أبقراط، وهوعمل طبي إغريقي قديم، مؤلفوه مجهولون. وصف أرسطوتشريح الفقاريات اعتماداً على جثث الحيوانات. حدد براكساجوراس الفرق بين الشرايين والأوردة كذلك. في القرن الرابع قبل الميلاد، خرج هيروفيلوس وإيراسيستراتوس بأوصاف تشريحية أكثر دقة اعتماداً على تشريح المجرمين المُدانين خلال عهد أسرة البطالمة.
في القرن الثاني، اشتهر جالينوس ككاتب وفيلسوف ومشرّح وطبيب، وقد قدّم آخر الأطروحات التشريحية وأكثرها تأثيراً في العصور القديمة فقد جمع فيها المعارف التشريحية الموجودة آنذاك، ودرس التشريح اعتماداً على جثث الحيوانات.وكان جالينوس أحد أوائل الفيزيولوجيين التجريبيين، وذلك من خلال تشريح الأحياء الذي أجراه على الحيوانات. وأصبحت رسومات جالينوس، التي تستند معظمها إلى تشريح الكلب، كتابَ التشريح الوحيد لألف سنة لاحقة.وقد عرف أطباء عصر النهضة أعمال جالينوس من خلال طب العصر الذهبي الإسلامي، إلى أن تمت ترجمة أعمال جالينوس من الإغريقية مباشرة في القرن الخامس عشر.
|