1508- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين بين أيديهما، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله. رَوَاهُ البُخَارِيُّ من طرق. وفي بعضها أن الرجلين أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما.
1509- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بعث رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عيناً سرية، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع، فأحاط بهم القوم، فقالوا: انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحداً. فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم . فرموهم بالنبل فقتلوا عاصماً، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق؛ منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة (يريد القتلى) فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف خبيباً وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسىً يستحد بها فأعارته، فدرج بنيٌّ لها وهي غافلة حتى أتاه فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك. قالت: والله ما رأيت أسيراً خيراً من خبيب، فوالله لقد وجدته يوماً يأكل قطفاً من عنب في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه اللَّه خبيباً، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فركع ركعتين فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت، اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً، وقال:
فلست أبالي حين أقتل مسلماعلى أي جنب كان لله مصرعيوذلك في ذات الإله وإن يشأيبارك على أوصال شلو ممزعوكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبراً الصلاة، وأخبر (يعني النبي صلى الله عليه وسلم ) أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلاً من عظمائهم، فبعث اللَّه لعاصم مثل الظلة من الدَّبْرِ فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئاً. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
قوله (الهدأة): موضع.
و (الظلة): السحاب.
و (الدبر): النحل.
وقوله (اقتلهم بددا) بكسر الباء وفتحها، فمن كسر قال: هو جمع بِدَّة بكسر الباء وهي: النصيب ومعناه: اقتلهم حِصَصاً منقسمة لكل واحد منهم نصيب، ومن فتح قال معناه: متفرقين في القتل واحداً بعد واحد، من التبديد.
وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة سبقت في مواضعها من هذا الكتاب. منها حديث الغلام (انظر الحديث رقم 30) الذي كان يأتي الراهب والساحر.
ومنها حديث جريج (انظر الحديث رقم 259) وحديث أصحاب الغار الذين أطبقت عليهم الصخرة (انظر الحديث رقم 12)، وحديث الرجل الذي سمع صوتاً في السحاب يقول: اسق حديقة فلان (انظر الحديث رقم 560)، وغير ذلك. والدلائل في الباب كثيرة مشهورة، وبالله التوفيق.
1510- وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال ما سمعت عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول لشيء قط إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.